
البابا ديونيسيوس |
14 - البابا " ديونيسيوس - Dionysius " :
مقدمة :
عًُرف البابا : " ديونيسيوس " كأحد آباء الكنيسة قبل أن يجلس على الكرسي الباباوي المرقسي ، إذ أنه كان عالماً من علماء اللاهوت ، ويتمتع بقدرٍ كبير من الثقافة والمعرفة ببواطن الكتاب المقدس ، كما أنه كان أحد أساتذة المدرسة اللاهوتية بالأسكندرية ، فعُرف بإسم : " ديونيسيوس اللاهوتي " .
الجلوس على الكاتدراء المرقسي :
بعد نياحة البابا " ياروكلاس " البابا رقم 12 في ترتيب باباوات الكنيسة القبطية ، في عام 241م ، عقد الأساقفة مجمعاً في الأسكندرية من أجل التباحث لإختيار من سيجلسونه على الكرسي الباباوي المرقسي ، فكان إجماعهم على إنتخاب " ديوتيسيوس " للجلوس على الكاتدراء ، فرُسم في شهر كيهك من عام 241 م.
أحداث الإضطهاد المعاصرة :
لقد عاصر البابا " ديونيسيوس " خلال فترة جلوسه على الكُرسي الباباوي المُرقسي ، عدد من عصور الإضطهاد التي تعاقبت عليه خلال فترة الخدمة الباباوية .
حيث جاءت أولى فترات هذا الإضطهاد
قبل توليه مهام الكرسي الباباوي - فمعاضرته لحكم الإمبراطور " سبتيموس سيفيروس " [ 193م - 211م] ، حيث كان لم يزل مُدرساً في المدرسة اللاهوتية بالأسكندرية ـ وكان بارعاً في الكتابة في مجال تسجيل الأحداث التي تمر بها الكنيسة القبطية وشعبها ، فكان من أشهر المؤرخين خلال تلك الفترة ، فقام بالتأريخ لعصور الإضطهاد التي مرت بها الكنيسة في خلال الفترة من عهد البابا " ياروكلاس " ، وحتى حلوسه على الكرسي الباباوي .
[ فترة إضطهاد الإمبراطور ديسيوس للكنيسة المسيحية ] " 249م - 251م " :
كان الإمبراطور " ديسيوس " - هو أحد الأباطرة المعاصرين لفترة جلوس البابا " ديونيسيوس " على الكرسي الباباوي المرقسي ، وقد كان من يحكم الإمبراطورية قبلاً منه - رجلاً محبوباً من الجيش والشعب يُدعى " فيليب العربي " [ 244م - 249م ] ، وكان ديسيوس قائداً للجيوش الرومانية إبان فترة حكم " فيليب العربي " ، وكان يقود الجيوش الرومانية في حروبهم الدفاعية عن الحدود الرومانية ضد غزوات البرابرة القوط الذين إحتلوا الأراضي المجاورة لنهري الرايان والدانوب ، كما كان يحارب من الجبهة الأخرى على الجدود الإيطالية ، قبائل الجرمان .
ونظراً لما حققه من إنتصارات باهرة في تلك الحملات الدفاعية ، وما ترتب عليها من نجاحه في طرد فلول برابرة القوط ، وقبائل الجرمان من الأراضي الإيطالية ، هنف له الجيش ، وأعلنوه إمبراطوراً ، ودبروا مؤامرة لإغيتال فيليب العربي ، وبالفعل إستطاعوا إغتياله في عام 249 م ، ليجلس " ديسيوس " على عرش الإمبراطورية الرومانية .
ومنذ تولي " ديسيوس " لمقاليد الحكم ، سعى بشتى الطرق من أجل تأمين الحدود الرومانية من شر هجمات متوقعه من جانب برابرة القوط والقبائل الجرمانية ، وأشار عليه بعض المقربين إليه ، بإلزامية تقديم القرابين للأوثان وإسترجاع مجدها القديم في روما ،
والذي كاد يندثر بسبب إنتشار المسيحية في ربوعها ، وعلى ذلك ـ أعلن " ديسيوس " مرسومة الإضطهادي الرسمي ( الثاني ) في تاريخ المسيحية بعد مرسوم " تراجان " 97م - 117م " ، فصار يُدعى إسمه " تراجان ديسيوس " ، وقد ألزم هذا المرسوم جميع المسيحيين في داخل روما وخارجها ، بوجوبية تقديم الذبائح والتبخير للأوثان ، والتخلي عن الإيمان المسيحي إجباراً لا إختياراً ، فبدأت بذلك موجه شرسة من الإضطهاد ، حصدت العديد من أرواح شهداء الكنيسة آنذاك في الأسكندرية ، وفي ربوع متفرقة من مصر ، بالإضافة إلى مسيحيين الإمبراطورية الرومانية كافة .
وقد كان يستخدم في أساليب الإضطهاد ، كافة أنواع وأشكال وصور التعذيب التي من الممكن أن تخطر على بال بشر ، بداية من الوضع داخل دواليب بها سكاكين وألآلات حادة تدور بواسطة ذراع حديدية من الخارج ، إلى التمشيط
بالأظافر الحديدية للأجساد ، إلى إلقاء المؤمنون في جب الأسود والوحوش الضارية المفترسة ، إلى الجلد السياط الرومانية
ووصولاً إلى القتل بأبشع الأشكال - من قطع الرؤوس بالسيوف ، إلى تقطيع الأجساد للمؤمنين وهم أحياءاً لكي يموتوا موتاً بطيئاً .
وقد قام " ديونيسيوس " بتسجيل جميع هذه الأشكال والصور من التعذيب والقتل للمسيحيين خلال فترة حكم " ديسيوس " الطاغية ، والذي إنتهت حياته ، بأن قُتل في إحدى المعارك على يد " كنيفا " قائد جيوش البربر ، وظلت جثته هو وإبنه ملقاه على الأرض لأيام ، تنهش فيها الأسود اتمفترسة والنسور الجائعة.
البدع المعاصرة :
من أشهر البدع التي عاصرها البابا " ديونيسيوس " نذكر ما يلي :
1- بدعة " ماني " : لقد كان ماني - رجلاً من بلاد فارس - قام بإطلاق مجموعة من التعاليم المُضللة للناس ، والمخالفة لإيمان الكنيسة القبطية ، وتعاليم الكتاب المقدس ، وكانت تلك التعليم قائمة على مجموعة من المبادئ هي :
هناك ربان :
الأول - هو رب المادة البراقة [ اللامعة ] ، أو النور .
الثاني - هو رب المادة الكثيفة .
وكان لكل منهما ربان - رب المادة البراقة هو ( الله ) . وهو محسن يرغب أن يكون كل أحداً سعيداً في هذه الدنيا .
ورب الظلمة ويدعى " ديمون " - وهو خبيث يريد أن يكون الإنسان رديئاً وشقياً وتعِسَاُ.
وكانت هذه التعاليم التي أراد ماني أرساء دعائمها في قلب الشعب المسيحي إبان تلك الفترة ، هي مزيج من التعاليم والمعتقدات الفارسية الوثنية ـ والتعاليم المسيحية .
وقد وضع البابا " ديونيسيوس " على عاتقه ، مهمة التصدي له ولتعاليمه الفاسدة ، وبالفعل ، إستطاع بعد جُهد كبير ، أن يزيل أفكاره من طريق المسيرة المسيحية تماماً ، ومات ماني في عصر باباوية البابا ديونيسيوس .
نياجة البابا " ديونيسيوس " :
ياريت تصلحها " نياحة "
تنيح البابا " ديونيسيوس " بعد أن إستطاع خلال فترة خدمته القضاء تماماً على تعاليم ماني ومن قبله " نويتوس " ، و" سابيليوس ونيبوس وبولس السميساطي الذين كانوا من المهرطقين في عصره ، وكان منهم من كانوا من أبناء مدرسة الاسكندرية ومن كهنة كنيستها أيضاً كبولس السميساطي ، ولكنه إستطاع أن يدحض جميع أفكارهم ويقضى عليها تماماً ، وكانت نياحته في يوم 3 من شهر توت لعام 261 م .
( الإمبراطور "تراجان ديسيوس - Trajan Desius ) [ 248م -251م ] - ثاني الأباطرة إصداراً لمرسوم إضطهاد إمبراطوري يقضي بتحريم المسيحية وممارسة جميع أشكال طقوسها في عموم الإمبراطورية الرومانية ، وقد إستشهد في عهد من الأسكندرية ففقط أكثر من 300 ألف قبطي ما بين سيدة ورجل وشيوخ وأطفال .
أشهر الشهداء المعاصرون للبابا " ديونيسيوس " :
( القديس العظيم " فيلوباتير مرقوريوس " [ أبي سيفين ] )
يًعد القديس العظيم " فيلوباتير مرقوريوس " [ أبي سيفين ] من أشهر شهداء المسيحية في عصر إضطهاد الإمبراطور الروماني " ديسيوس " [ راجع قصة كاملة في الفصول القادمة من موسوعتنا الخاصة بتاريخ الشهداء والقديسين ]
الكاتب اشرف صالح
ليست هناك تعليقات