نظراً للأهمية التاريخية للقرن السابع الميلادي - فقد وجب علينا ان نُمهد له التمهيد الذي يليق بأهميته التاريخية ، وأن نضع له هذه المقدمة ، التي تُعد مدخلاً تعريفياً بأهم الأحداث والوقائع التي شهدتها أمة الأقباط والكنيسة القبطية في مصر في خلال هذا القرن - القرن السابع الميلادي .
فقد مرت الأمة القبطية ، وكنيستها التابعة لها في أرض مصر - بجُملة من الأحداث السياسية الهامة - التي كان لها تأثيرها المباشر على خريطة الدولة المصرية ككل - من ناحية تشكيل جُغرافيتها - كدولة كانت تابعة من قبل للسيادة الرومانية ـ على مدى اكثر من سبعمائة عاماً ، وحتى سقوط يد الرومان عن مقاليد السلطة في مصر ، وتسليمها للعرب المسلمين بواسطة الخدعة الأعظم في تاريخ مصر السياسي ، الا وهي - خيانة " المقوقس " - والي الروم في مصر - للإمبراطور " هرقل الأول " ، وقيامه بتسليم مصر إلى العرب المسلمين - مُمثلين في قائدهم الغازي " عمرو بن العاص " ، ثم إرساء قواعد الدولة العربية الإسلامية في مصر ، رغماً عن إرادة ورغبة الأقباط ـ وجميع الأجناس التي كانت تعيش في أرض مصر وقتئذٍ ، وكان ذلك في عام 641م .
وبالإجمال - فقد مرت مصر في خلال القرن السابع الميلادي - منذ بدايته ، وحتى الثلث الأول فيه بفترتين غزو ، كانوا هم الأخطر في تاريخها -
الغزو الأول { الغزو الفارسي } :
في نحو عام 627م ، قاد " شاهين " جيوش الفرس إلى غزو مصر ، بأمر من الملك " خسرو بن هرمز " ملك بلاد فارس ، فإتجهوا من جهة الفرما ، وهو ذات الطريق الذي دخل منه العرب المسلمين الغزاة من بعدهم إلى مصر من بوابتها الشرقية ، وساروا في طريقهم إلى جبل سيناء ، وقاموا بتدمير ونهب جميع الأديرة التي كانت تٌُقابلهم في طريقهم ، وتقدموا نحو الحصون الرومانية التي كانت مقامة على مشارف تلك البقاع ، وإستطاعوا إجتيازها بسهولة ويُسر ، ثم قصدوا بعد ذلك صوب مدينة الأسكندرية ، وقاموا بنهب أكثر من ستمائة ديراً عامراً بالرهبان ، وكانوا يقومون بالإعتداء على رهبانها ، فقتلوا منهم الكثير بالسيف .
الغزو العربي الإسلامي :
بعد غزو الفُرس لمصر بنحو أقل من عشرون عاماً ، قام العرب المسلمون الغزاة بغزو مصر - بقيادة "عمرو بن العاص " ، وبتكليف من خليفة المسلمين في شبه الجزيرة العربية " عمر بن الخطاب " ، وكان ذلك بعد عدة مواقع حربية ، وفترات حصار في بقاع عديدة من أرض مصر " منها حصار قلعة بابليون " ، و" حصار الأسكندرية " ، حتى قام " المقوقس " بإبرام إتفاقية [ معاهدة ] ، يتم بموجبها تسليم مصر إلى العرب المسلمون ، مقابل شروط ، وقام العرب المسلمون بإشتراط بعض البنود على المقيمين داخل مصر من الأقباط والأجناس الأخري لكي يبقون على مذاهبهم المخالفة والمغايرة للشريعة الإسلامية ، وكان من بينها " شرط الجزية " مقابل إبقاء الأقباط على ديانتهم المسيحية " ، وكان ذلك في عام 641م .
بداية حكم العرب المسلمون لمصر " الغزو العربي الإسلامي الإستيطاني لمصر " :
بإرساء دعائم حكم الدولة الإسلامية في مصر بعد إتمام غزوها في نحو العام 641م ، بدأت فترة حكم الولاة المسلمون في مصر ، والذين كان يقوم بإختيارهم الخليفة القائم على شئون حكم الدولة الإسلامية في شبه الجزيرة العربية ، وكان " عمرو بن العاص " هو أول من تولى الولاية في مصر- كأول والي عربي مسلم يحكم مصر في تاريخ الحكم العربي الإسلامي فيها ، بعد أن إستمر حكم الرومان ـ وإستمرت السيادة الرومانية لها لأكثر من ستمائة عاماً.
الكاتب اشرف صالح
ليست هناك تعليقات