
[ اللقب - إبرآم السرياني - إبن زرعة ]
مقدمة :
كان الكرسي الباباوي في مصر خالياً ممن يشغله في الفترة على مدى ثلاثة أشهر ممن يشغله بعد نياحة البابا " مينا الثاني " في عام 975م ، وظلت محاولات البحث عن البابا المُرشح من أجل الجلوس على الكرسي الباباوي قائماً ، حتى تدخلت المشيئة الإلهية في توقيت معلوم وبتدبير من الله القدوس من أجل توجيه الأنظار لجميع القائمين على عملية إختيار البابا في الكنيسة القبطية في مصر ،
إلى رجل غير مصري - كان قادماً من سوريا - وكان يعمل في التجارة ، وكان رجلاً على قدر كبير من الثراء ، فكانت اسرته تعمل في مجال التجارة أيضاً ، وكما يُدعى إسمه : " إبرآم بن زرعة " - فلفت هذا الرجل الأنظار إليه لما كان يقوم بفعله من صالح الأعمال ، حيث أنه كان يُغدق على الفقراء والمحتاجين من أمواله ، ويعطي كل من يسأله المعونة ، فكان رجلاً كريماً ، حانياً على الفقراء ، وكان يوزع من أمواله على الكنائس والأديرة أيضاً في خلال فترة جلوس البابا " مينا الثاني " .
الجلوس على الكرسي الباباوي في مصر :
جاء إجماع الأساقفة في عموم مصر ، مؤيداً بموافقة ومباركة غالبية الشعب المصري ، والإكليروس ، بالموافقة على ترشيح إبرآم بن زرعة السرياني للجلوس على السدة المرقسية ، فكان تجليسه في يوم 7 طوبة - الموافق 3 يناير لعام 975م .
الملوك المعاصرون :
كانت فترة خدمة البابا الأنبا " إبرآم الأول " مواكبة لفترة تأسيس حكم الدولة الفاطمية " الشيعية " المبكر . وفي عهد الخليفة " المعز المعز لدين الله الفاطمي " .
وقد وصل الخليفة المعزلدين الله الفاطمي إلى مصر في عام 975م ، وهو يعد رابع الخلفاء الفاطميين ، ولكنه الأول حكماً لمصر من الخلفاء الفاطميين ، وإتخذ من مصر مقراً دائماً للخلافة الإسلامية .
أهم الأحداث المعاصرة :
1- بداية التخطيط لبناء القاهرة :
في الفترة التي دخل فيها الخليفة الفاطمي "المُعز لدين الله الفاطمي " أرض مصر - قرر بناء مدينة القاهرة ، والتي أسند أمر الإشراف على أعمال البناء وتنفيذها إلى القائد " جوهر الصقلي " ، حيث قام بتأسيس العديد من الحصون والأبواب في وسط المنطقة المعروفة الآن بإسم " القاهرة الفاطمية " ، فإليه يُنسب بناء - بوابة الفتوح ، وبوابة المتولي ، كما يُنسب إليه أيضاً تأسيس الجامع الأزهر .
2- نقل جبل المقطم بمعجزة صلوات البابا الأنبا بنيامين والقديس سمعان الخراز :
في عهد البابا الأنبا " إبرآم " - أرادت المشيئة الإلهية أن تتجلي أعماله العظيمة في أرض مصر ، لكي تكون خير شاهداً على مدى عظمة إيمان المسيحيين في مصر ، ومدى صحة إيمانهم ، وسلامته من أية محاولات للطعن في قدسيته ، أو مصداقيته.
حيث شهد الخليفة المعز لدين الله الفاطمي تلك المعجزة بعينيه .
وكانت تفاصيل تلك المعجزة ، أنه بينما كان البابا الأنبا إبرآم يحضر مجلساً للمناظرة مابين علماء المسلمين ورجال الكنيسة في مصر ، قام رجلاً يهودياً أعلن إسلامه يدعى : " يعقوب بن كلس " ومعه زميله المدعو " موسى " بوضع مناظرة موضوعها ومحورها الآية القائلة " إن من له إيمان مثل حبة الخردل فليقل للجبل إنتقل فينتقل ! " ،
وقام بمطالبة المسيحيين بإعطاء البرهان الذي يؤكد صدق هذه الآيه عملياً ، وكان الحوار أمام الخليفة المعز ، الذي إقتنع بالفكرة جداً ، وإنضم إلى صفوف المؤيدين لها ، وطالب البابا الأنبا إبرآم ، بضرورة إعطاء البرهان بصورة عملية والذي يؤكد مدى مصداقية تلك الآية ، والتي يتأكد لهم معها صدق إيمان الكنيسة ، وصدق ماجاء في كتابهم المقدس من أقوال .
وقد وضع الخليفة المعز شرطاً قاسياً وألزم البابا إبرآم به ، فإما أن تتحقق أمام عينيه صدق تلك الآية التي تدل على صدق إيمان المسيحيين من عدمه ، وإما أن يتعرض المسيحيين والكنيسة في مصر للعذاب والهلاك في حالة ثبوت عكس ذلك
فإعتكف البابا الآنبا إبرآم في الكنيسة المعلقة - التي في بابليون - والتي كانت مقراً باباوياً وقتئذِ ، من أجل الصلاة بتضرع من أجل ان يعبروا هذا الموقف بسلام على الكنيسة والشعب القبطي في مصر ، وطلب من شعب الكنيسة أن يلتزموا بالصوم الإنقطاعي والصلاة على مدى ثلاث أيام ، وأثناء تلك الفترة ، ظهرت السيدة العذراء مريم للبابا الانبا إبرآم ،
وأخبرته بانها إستمعت إلى صلواته وتضرعاته ، وبأن السماء سوف تستجيب له ولصلوات الشعب المسيحي في مصر ، وأعلمته بمواصفات الرجل الذي سوف يعينه في إتمام تلك المهمة ، وكان هذا الرجل هو " سمعان الخراز " ، وكان رجلاً صالحاً ، ضرب المخراز في عينية ، لمجرد أستشعاره العثرة منها بعدما نظر إلى إمرأة نظرة إشتهاء ـ فقال : " ليهلك عضو من الجسد ، حتى لايهلك الجسد كله " ، فصار اعور لايرى إلا بعين واحدة طوال حياته .
وفي اليوم المحدد لإتمام المعجزة ـ حضر الخليفة المعز ـ وجلس في مقدمة الصفوف ، يلتف حوله عدد كبير من رجال حاشيته ، ويعقوب بن كلس صاحب المناظرة ، والمطالب بتأكيد صدق الآية السالف ذكرها ، وجمع عظيم من جموع الشعب القبطي ، وبدأت طقوس الصلاة ، وبمجرد وصول الشعب إلى مقطع : " كيرياليصون " ، والتي كانت تخرج قوية من جميع الأفواه ، وراء البابا الأنبا إبرآم ، بدأ الجبل في الارتفاع والإنخفاض ، محدثاً صوتاً ات
عظيماً ، ودوياً مرعباً ، وكان الجبل يرتفع بالصورة التي يُرى الشمس من أسفلها ، وكان إرتطام الجبل بالأرض عند نزوله ، يحدث زلزلة عظيمة ـ إرتعب بسببها الخليفة المعز ، الذي طالب البابا والشعب القبطي بالتوقف عن الصلاة ، خوفاً منه أن تنهار القاهرة بسبب هذا الزلزال العظيم الذي يحدثه الجبل في كل نقله ينتقل فيها من مكانه.
[ البابا الأنبا إبرآم والقديس العظيم سمعان الخراز وحولهم لفيف من الشعب القبطي وفي الخليفة يجلس " المُعز لدين الله الفاطمي " في اثناء تحرك الجبل من مكانه بصلواتهم ]
الخليفة المعز لدين الله يعلن إيمانه بالمسيحية ويتقبل نعمة المعمودية :
بعد أن شهد المعز لدين الله الفاطمي تحقق معجزة نقل جبل المقطم بقوة صلاة المسيحيين في مصر بقيادة بطريركهم - البابا الأنبا إبرآم - قرر التحول إلى المسيحية ، وتقبل المعمودية ، ليصبح مسيحياً بالفعل ، وقد أمر بتأسيس كنيسة في مصر القديمة - وهي كنيسة القديس العظيم في الشهداء أبي سيفين - ولايزال قبره موجوداً في داخل هذا الدير ,
نياحة البابا الأنبا إبرآم الأول :
بعد أن قضى على الكرسي الباباوي فترة 4 أعوام - تنيح البابا الأنبا " إبرآم " في يوم 6 كيهك - الموافق 3 ديسمبر العام 979م .
الكاتب اشرف صالح
ليست هناك تعليقات