( " الكنيسة المعلقة ببابليون - مصر القديمة " أحد أشهر الكنائس التي ظلت قائمة حتى القرن السابع الميلادي ) |
تابع : فترة جلوس البابا " بنيامين الاول " - البابا رقم : (38) على الكرسي الباباوي لكنيسة الأسكندرية :
الجزء الرابع :
مقدمة :
كانت مصر في منتصف العام 641 من الميلاد ، قد سُلمت بالكامل من شمالها إلى جنوبها إلى قبضة العرب المسلمون ، وكان أمر تسليمها قد تم بخيانة وتواطؤ " المقوقس " - والي الروم على مصر ، والقائم بأعمال بطريركها بعد أن قام الملك " هرقل " الخلكيدوني المذهب بالإطاحة به ، ونفيه عن كرسيه الباباوي ، لرفضه قبول العمل بالتعاليم الخلكيدونية المنافية لإيمان الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ، وكان " المقوقس " مكروهاً من عموم الشعب القبطي وأساقفة الأسكندرية .
وقد قام " عمرو بن العاص " ، بإرساء قواعد حكم الدولة الإسلامية في مصر ، بتثبيت شريعة الإسلام على الجميع ، وإلزام الجميع بالعمل بها ، أما من كان يرغب من الأقباط الإبقاء على ديانته الأصلية - ألا وهي المسيحية - فقد قام بدفع الجزية ، أو بالخدمة في صفوف الجيوش العربية الإسلامية الغازية - وكان أكثرهم من الفقراء - ممن لم يستطيعوا الوفاء بالجزية ، وتأديتها لجابي الجزي المُعين من الخليفة " عمر بن الخطاب " .
أحوال الكرسي الباباوي بعد الغزو العربي لمصر :
لم يُرحب الأقباط بدخول العرب المسلمين لأرض مصر ، كما كانت عادتهم في رفضهم لأي حاكم غريب يتولى القيام على أمور الحكم في بلادهم ، ولم يفتحوا الأبواب أمام العرب المسلمين بالترحاب كما يزعم بعض المؤرخين العرب المسلمون - أو المستشرقون - في مدوناتهم ، بل كانت هناك حفيظة كبرى من جانب الأقباط من هذا الغزو الإستيطاني العربي الإسلامي لأرضهم ، والتي كان مقرها ، وموطنها الأول - هو الفسطاط - أو مدينة القطائع ـ كما أطلق عليها " عمرو بن العاص " - والفسطاط ، تُعني : " الخيٌام " ، وقد سُميت كذلك ، لأن العرب كانوا قد نصبٌوا خيامهم فور إستيطانهم لمنطقة بابليون ، والتي كانت في الأصل - مقراً للحامية الرومانية الموجودة في حصن بابليون لتحصين الجهة الجنوبية لمصر .
أما عن الكرسي الباباوي ، فكان " المقوقس " ، هو القائم بأعمال البابا في مصر ، بتكليف من الإمبراطور " هرقل " ، والذي خُدع من المقوقس ، حينما قام الأخير بتسليم زمام السلطة ومقاليد الحكم للعرب المسلمين بالمخالفة لأوامر " هرقل " ، الذي طلب من المقوقس أن يقاومهم بكل حسم ، وحزم ـ فكانت تلك الخدعة ، هي السبب الجوهري في غل يد الرومان عن مقاليد الحكم في مصر ، والذي إستمر زهاء أكثر من 600 عاماً ونصف ، منذ أن تم إعلان مصر ولاية رومانية في عام 27 ق.م.
ولم تكن عودة البابا " بنيامين الأول " إلى كرسية ، بدعم أو مساعدة من قبل القائد " عمرو بن العاص " ، كما يدعي بعض المؤرخون في مدوناتهم ، بل كانت عودة البابا " بنيامين الأول " إلى كرسية الباباوي بشروط ، ولولا الموافقة على تلك الشروط ـ التي كلفت الكنيسة القبطية الكثير ، ما عاد البابا " بنيامين الأول " لكرسيه بتاتاً ـ وكانت الشروط عبارة عن أداء الجزية ، التي ألزمت بها الكنيسة القبطية لعودة البابا القبطي إليها ـ ومباشرة مهام الخدمة الباباوية المعتادة .
( يتبع البقية في الجزء القادم في الحلقة القادمة )
الكاتب اشرف صالح
ليست هناك تعليقات