البابا " أغاثون . أغاثو - Agatho " |
(39) - البابا " أغاثون . أغاثو - Agatho " :
مقدمة :
بعد أن قضى البابا " بنيامين الأول " - فترة طويلة على الكرسي الباباوي ، تجاوزت التسعة والثلاثون عاماً، تنيح بسلام ، تاركاً الكرسي الباباوي شاغراً ، ينتظر من يرتقيه من الرجال الأبرار في إيمانهم برسالة الكنيسة المرقسية ، والأمناء المُخلصين في إيمانهم ، لكي يقودوا دفة الكنيسة وشعبها ، إلى طريق الخلاص.
الجلوس على الكاتدراء المُرقسي :
كان جلوس البابا " أغاثو " - أو " أغاثون " على الكرسي الباباوي بإجماع أساقفة الأسكندرية ، ولفيف من الشعب القبطي بالأسكندرية ، يشاركهم الإكليروس ، وكان جلوسه على الكرسي الباباوي لكنيسة الأسكندرية في عام 662م ، أي بعد نياحة البابا " بنيامين الاول " مباشرةً ، وفي نفس العام.
الفترة المعاصرة للخدمة والحالة السياسية في مصر :
كانت مصر في بداية مرحلة التأقلم مع الوضع السياسي الجديد الذي طرأ على جميع أشكال الحياة فيها ، في الداخل ، والخارج ، وفي منظومة الحكم أيضاً ، إذ تسلم زمام الحكم في مصر ، العرب المسلمون ، مُمثلين في الخليفة المسلم الذي يتخذ من الجزيرة العربية مقراً لكرسي الخلافة ، والحكم ، ويدير حكم الولايات الخاضعة له بعد الغزوات الإسلامية التي جرت وقائعها منذ عهد "محمد "
صاحب الشريعة الإسلامية، منذ نهايات القرن السادس الميلادي، وحتى الثلث الأول من القرن السابع من الميلاد - والتي من بينها مصر - بواسطة الوالي المُعين من قِبله ، والخاضع له بالكُليٌة ، وكانت منظومة حكم مصر - في هذا النظام الذي كان لم يَزَل جديداً ، وفي بدايته - تخضع تماماً للشريعة الإسلامية .
وكان الرومان قد رفعوا أياديهم تماماً عن مقاليد الحكم في مصر ، وعن سائر بلاد الشرق ، والتي ظلت خاضعة من قبل لحكم الرومان منذ اكثر من ستمائة عاماً ، وكان الكرسي البيزنطي ، الذي بدأ تاريخ حكمه على أرض الواقع منذ عهد الإمبراطور " قسطنطين " في بدايات القرن الرابع الميلادي ، قد إستمرت سيطرته على مقاليد الحكم قائمة حتى آخر ملوك بيزنطة - الملك " هرقل الأول " ، والذي إنتهت فترة حكمه لمصر ، بدخول العرب المسلمين مصر في عام 641م ، وبداية حُكم الولاة العرب المسلمون ، ممثلون في أول والي في تاريخ الحكم الإسلامي في مصر- عمرو بن العاص .
وقد إستمرت فترة حكم عمرو بن العاص لمصر- معاصراً من خلالها عهد خدمة البابا " بنيامين الاول " [ البابا رقم 38 ] ، ثم تولى الحكم من بعده على مصر - خمسة ولاة آخرون غيره ، منهم من تولى الحكم على مصر غصباً - أي بدون إذن الخليفة - وغصباً منه لمقاليد الحكم ، ومنهم من قتل من قبله من الولاة من اجل الإستئثار بالحكم والإنفراد به.
وفي عهد حكم الوالي المُسلم " معاوية بن أبي سيفيان " ، تنيح البابا " بنيامين الاول " ، وجاء البابا " أغاثو الأول " من بعده ليخلفه على السِدة المُرقسية في عام 662م .
الدولة الأموية وبداية الحكم في مصر :
كان " معاوية " قد إنشق عن ولائه للكرسي الأعلى في حكم المسلمين ، وإدارة شئونهم - ألا وهو كُرسي " الخليفة " - وأراد الإستئثار بالحكم ، فحارب الخليفة الذي كان يسبقه في حكم الدولة الإسلامية ، وبني على أنقاض دولة الخلافة الراشدة - دولة جديدة عُرفت بإسم الدولة الأموية .
الدولة الأموية وإضطهاد الأقباط في مصر :
عُرف " معاوية " بدمويته ، وشراسته ، فكان سفاكاً للدماء ، شرهاً في محبته للقتال ، فكان يُطلق عليه إسم : " آكل الأكباد " ، لما كان يتصف به من شراسة الطباع ، فكان يأكل أكباد جميع من يقتلهم في المعارك نيئة .
وقد صارت فترة من الإضطهاد في خلال حكم أول خلفاء الدولة الأموية - معاوية بن أبي سيفيان - والذي كان يُدير دفة الحكم في مصر أيضاً ، فكان يحارب الأقباط ، والكنيسة بشتى السُبُل والوسائل ، من أجل الضغط عليهم لترك إيمانهم ، كما قام أيضاً بإثقال كاهلهم بالضرائب والجبايات التي كانت تحصل من الفقير والغني على حدٍ سواء.
عهد حكم الولاة الأمويين في مصر :
لقد جلس على كرسي الولاية في مصر من الدولة الأموية الإسلامية - في خلال فترة جلوس البابا " أغاثو " كل من :
1- مخازي بن أبي أمية .
2- معائب بن أبي أمية .
3- الخليفة : معاوية بن أبي سيفيان .
أهم أعمال البابا " أغاثو " في مجالات الخدمة والإصلاح :
قام البابا أغاثو بالعديد من الإنجازات والأعمال الإصلاحية التي نهض من خلالها بالخدمة في الكنيسة ، منها الإهتمام بأمر العبيد الأقباط ، والعمل على إستصدار قرارات بالعفو عنهم ، وعتقم ، ومنحهم الحُرية .
كذلك أيضاً إهتم بتعمير الكنائس القديمة وترميمها ، وأيضاً بناء كنائس جديدة .
البابا " أغاثو " وفترات الإضطهاد الخلكيدوني :
كانت لم تزل في تلك الفترة آثار الإنشقاق الخلكيدوني عن الكنائس الملتزمة في إيمانها بالطبيعة الواحدة للسيد المسيح ، له وجودها ، وتمارس طغيانها على الكنائس الشرقية المستقيمة الإيمان ، من أجل إجبارها على إعتناق تلك التعاليم المغلوطة التي نادى بها مجمع خلكيدونيه ، المؤيد للهرطقات النسطورية المخالفة لإيمان الكنيسة القبطية ، فقام على إثر ذلك ـ رجلاً يدعى " تاوضروس " بإضطهاد الكنيسة القبطية ، وكان يحاول أن يُحدث إنقساماً بين الشعب القبطي في الإسكندرية ، وبين البابا " أغاثو " ، فقام بالتآمر على البابا " أغاثو " من اجل قتله ، وكان يحاول أن يشترى تأييد الناس لأفكاره بالمال ، وقد ظهرت جماعة مؤيدة له - أطلقت على نفسها إسم " التاوضروسيين " ، وقد كانوا يحاولون الإعتداء على البابا " اغاثو " بشتى الطرق ، ومنهم أن قاموا ذات مرة بالهجوم على قلايته التي كان يجلس فيها، وقاموا برجمها بالحجارة من الخارج ، من أجل إرهابه ، وإجباره على عدم الخروج منها.
وكان قصاص الله العادل من هذا الرجل الشرير ، أن مرض بداء الإستسقاء ، وصار يآكل كل يوم 12 رطلاً من الخبز ، ونحو 24 رطلاً من اللحم ، ورطلين من التين ، ويشرب من زقاق نبيذ من مريوط ، فلايشبع ، وظل هكذا ـ حتى توفي .
مشاهير الشخصيات المعاصرة للبابا " أغاثو " :
نذكر من مشاهير الشخصيات التي كانت مُعاصرة لفترة جلوس البابا " أغاثو " على الكُرسي الباباوي - القديس " يوحنا السمنودي " - وكان رجلاً راهباً باراً ، وناسكاً عفيفاً طاهراً بعيش في برية شيهيت " دير أبي مقار على وجه التحديد " ، وكانت له فضائلة المعروفة عنه ، وأيضاً مواهب صنع العجائب والآيات بقوة وسماح من الله.
نياحة البابا " أغاثو الأول " :
ظل البابا " أغاثو الأول " - قائماً على أمور الخدمة الباباوية بكل أمانة وإخلاص ، قائداً لمسيرة شعب المسيح في أرض مصر خير قيادة ، حتى تنيح بسلام في يوم 16 من بابه لعام 680م .
الكاتب اشرف صالح
ليست هناك تعليقات